Jun 15, 2025
ابتكار
وقت القراءة: 10 : دقائق
الكاتب : المقداد صالح
لم يمضِ وقتٌ طويل عندما كانت النظرة السائدة اتجاه صانعي المحتوى من عشاق الألعاب لا تتعدّى كونهم مجرد ممارسين لهواية جانبية يدفعهم نحوها الحماس المحض دون أي اعتبار لمردود اقتصادي حقيقي. أما اليوم، فقد تحوّل "اقتصاد المُبدعين" إلى توجّهٍ تقدّر قيمته بمليارات الدولارات، وغدا صنّاع المحتوى من اللاعبين عماد نجاحه وتطوّره.
ففي عام 2022، بلغت قيمة هذا القطاع 104.2 مليار دولار، ومن المتوقع أن يصل إلى 480 مليار دولار بحلول 2027 (وفقًا لـ Influencer Marketing Hub) وتضم منصات مثل Twitch و YouTube Gaming مئات الملايين من المستخدمين النشطين، بمشاهدات تصل إلى مئات المليارات من الساعات سنويًا، بينما تجاوزت مشاهدات مجتمع الألعاب على TikTok تريليون مشاهدة في 2023. كما يجدر بنا ذكر أن نجوم البث المباشر من اللاعبين مثل Ninja و Valkyrae و Pokimane يجنون ملايين الدولارات سنويًا من الاشتراكات والتبرعات والعقود الدعائية.
هذه التفاعلات الجماهيرية الهائلة تُترجم مباشرةً إلى أرباح طائلة. لكن تحويل هذه الهواية إلى مهنة ومشروع ناجح يتطلب خطة استراتيجية ترتكز على رغبات الجمهور، طريقة تقديم المحتوى، وخوارزميّات المنصة المعنيّة.
تتنوّع أساليب تحقيق الدخل في هذا المضمار إذ تشمل ولا تقتصر على: الإعلانات، الاشتراكات والمساهمات، بالإضافة إلى الرعايات وإطلاق المنتجات الخاصة. أسهم النمو المتسارع على هذا النحو في خلق فرص عمل كبرى، مُمهدةً الطريق لظهور شركات صغيرة سرعان ما نمت يقودها صنّاع المحتوى المُبدعون أنفسهم.
لكن الطريق إلى النجاح ليس مُعبّدًا بالورود. فعلى الرغم من الإمكانيات والفرص الهائلة، يواجه روّاد المجال تحديات جسيمة مثل التأثر المباشر بطبيعة المنصات، حيث يُهدّد أي تغيير في الخوارزميات أو السياسات مستقبل صانع المحتوى الذي يعتمد على منصة واحدة في نشر محتواه. كما أن الضغط المستمر في الإنتاج المتواصل يؤدي عادةً إلى الإرهاق الذهني والنفسي، مما يستدعي تبني ممارسات مستدامة واهتمامًا أوفى بالصحة النفسيّة. ومن أكبر المشاكل شيوعًا في هذا المضمار هو الفجوة الكبيرة في الدخل: إذ يحصل 0.1% من صنّأع المحتوى المشاهير على الحصّة الأكبر من الأرباح، بينما يكافح الباقون لتحقيق عوائد لا بأس بها (حسب SignalFire، 2023)
رغم هذه التحديات، ما زال المجال مفتوحًا لابتكار أساليب جديدة للاستثمار في هذه المهنة. إذ يتّجه بعض صنّاع المحتوى من اللاعبين إلى تقنيات مثل NFT وسلسلة الكتل Blockchain وتقنية البثّ عبر الواقع افتراضي VR، بينما يوسّع آخرون مصادر دخلهم عبر البودكاست والكتب وحتى الظهور الإعلامي التقليدي لتحقيق تفاعل مباشر وملموس مع الجمهور. هذه التجارب تُثري المهنة بإبداعات متجددة، وتُوثّق العلاقة مع عشّاق الألعاب، لتظلّ هذه السوق الفريدة -التي وُضعت لبنتها الأولى بأيدي روّاد المجال الترفيهي- قادرةً على تحويل الشغف والأحلام إلى واقعٍ زاهٍ مستدام.